مرت الدولة الإسلامية من بداية نشأتها بالنبي محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بكثير من الشخصيات، التي وصلت إلى الكثير من المدح في أحيان، ومن الذم والتشاؤم في أوقات أخرى، فكانت شخصيات الدولة التي شكلت من الخليفة أبو بكر، والتي انتهت بنهاية الدولة العثمانية الإسلامية في عهد عبد الحميد الثاني .
وما كان الأغرب أن يكون في العالم الإسلامي شخصيات اختلف عليها الناس بين مادح وذام، ومن تلك الشخصيات شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي كان من أبرز الشخصيات التي قامت عليها الدولة الأموية في بداية نشوءها، حيث تعرضت تلك الدولة إلى رفض كبير من كثير من الشخصيات الإسلامية المعتبرة من آل البيت بشخصياتهم المختلفة، ومنهم الحسين وعدد من الصحابة كعبد الله بن الزبير، وكثير من الشخصيات التي تواجدت في الأغلب في المدينة المنورة ومكة، والتي كانت أغلب الثورة على النظام السياسي الجديد، الذي اتبعه بني أمية في توريث الحكم في السلالة الأموية، بدلا من أن يكون حق يستشار به الناس، ليختاروا حاكمهم عن طريق الشورى المتاحة للجميع .
أما عن نسبه، فهو من أهل ثقيف المشهورين هناك ببلاغتهم، وقدرتهم على الصمود في الحروب، وقيادة الجيوش، فقد أبدعوا في الحروب الأولى التي خاضها المسلمون في عهد الراشدين، ومعروف عنهم جلدهم، وشدتهم في الحرب، وخططهم المحترفة فيها، وأيضا بلاغتهم في تحفيز الناس، وقلب الباطل حقا والحق باطلا، فكان ممن يستعين به عبد الملك بن مروان لرد الثورات، التي قامت على ولايته في مكة من قبل عبد الله بن الزبير، فزحف الحجاج بجيش جرار، قتل فيه عبد الله بن الزبير، ودك في تلك الحرب مكة بالمنجنيق، وولاه عبد الملك ولاية مكة والمدينة بعد ذلك، ومع ظهور الثورة في العراق زحف إليها الحجاج، وقتل الثائرين فيها، وقام بأسرهم، وتولى ولاية العراق والكوفة، إضافة إلى مكة والمدينة بعد ذلك .
كانت حروبه على مكة والمدينة، ومساندته لعبد الملك بن مروان، وقتله لعدد من آل البيت أحفاد وأبناء علي بن أبي طالب، نقمة كبيرة من المسلمين، حيث كان سفاحا لا يرحم، وكان القتل يشتهر عنه بشكل كبير، حتى قالت فيه أسماء بنت أبي بكر : "إنه السفاح الذي تحدث عنه النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من أهل ثقيف" .
ومن الأسباب التي جعلت الاختلاف في شخصيته كبيرا أنه كان يهتم بحفظة القرآن، ويحفظه عن ظهر قلب، ويهتم ببناء المساجد والحج وإقامة الشعائر، فوقف المؤرخون في شخصيته على الأمور الجيدة التي حملتها شخصيته، والأمور السلبية السيئة التي كان يقوم فيها، فقال عنه أغلب المؤرخين في سابقة لم تعهد عن رجل قبل ذلك وجود المتناقضات عنه، فيقال إنه عادل جائر، فكان الاختلاف في ذات المؤرخ نفسه فيه قبل أن يختلفوا مع الآخرين في ذلك .
وهذا ملخص سريع للاختلاف في شخصية الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي استلمته العديد من الكتب والأفلام والمسلسلات، التي نسجت عن شخصيته .
المقالات المتعلقة بسيرة الحجاج بن يوسف الثقفي